تقع الطائف على ارتفاع يزيد عن 1700 متر فوق مستوى البحر في قلب جبال السروات غربي المملكة، مما يمنحها مناخًا معتدلًا لطيفًا على مدار العام حتى لُقِّبت “عروس المصايف”.
تتميز بطبيعتها الخلابة وتضاريسها الجبلية وهوائها النقي، إلى جانب إرثها التاريخي والثقافي الغني.
تحيط بها مجموعة من المرتفعات الشهيرة التي توفر إطلالات بانورامية، من أجملها منطقة الهدا التي تقع شمال غرب المدينة.
يمكن للسائحين القيادة عبر طريق الهدا الجبلي المتعرج أو استقلال التلفريك المعلق الذي يربط قمم الجبال بقرية الكر أسفل الوادي. تجربة ركوب تلفريك الهدا تُعد مغامرة فريدة بحد ذاتها، حيث تطفو عربة التلفريك فوق مناظر الوديان والسهول الخضراء على امتداد جبال الطائف. وفي أعلى جبل الهدا، ينتظرك جو عليل ومناظر خلابة للمدينة أسفل الجبل، إلى جانب منتجعات ومقاهٍ تقدم المشروبات الساخنة وسط الأجواء الباردة طوال العام وحتى في الصيف.
جنوبًا، ترتفع منطقة الشفا الجبلية كواحدة من أشهر المصايف.
وتمتاز بمزارعها وبساتينها الممتدة على سفوح الجبال وهوائها النقي العليل. يمكنك قيادة السيارة نحو قمم الشفا -حوالي 45 دقيقة من وسط المدينة- للاستمتاع بمشاهد بانورامية للسهول والجبال، حيث تنخفض درجات الحرارة بشكل ملموس كلما صعدت للأعلى. تنتشر في الشفا مزارع الفاكهة مثل الخوخ والتين والعنب، وحدائق الورد الطائفي الشهيرة. ولا تفوّت فرصة التقاط الصور فوق السحاب عند قمم الشفا نهارًا، ومشاهدة أضواء المدينة المتلألئة ليلًا من هذا العلو الشاهق.
أما عن جانبها التراثي، لا يمكن التطرق له دون ذكر سوق عكاظ الشهير. يقع موقع هذا السوق التاريخي شمال شرق الطائف، وقد كان أعظم أسواق العرب في الجاهلية قبل الإسلام. اعتاد العرب قديمًا أن يجتمعوا في سوق عكاظ خلال الأشهر الحرم لعرض تجارتهم من سمن وعسل وجلود ومنسوجات وغيرها، والتباهي بالشعر والخطابة في حضرة قبائل الجزيرة العربية. بعد انقطاع دام قرونًا طويلة، تم تحديد موقع السوق في منطقة العرفاء بالحوية -على بعد حوالي 40 كم من مدينة الطائف– وأعيد إحياؤه كموقع أثري سياحي يحتفي بالماضي المجيد. عند زيارتك اليوم لسوق عكاظ، ستجد ساحة واسعة تزينها بوابة ضخمة وأعمدة ونقوش مستوحاة من التراث العربي القديم، مما يجعلك تتخيل صخب السوق قبل 1500 عام.
وإذا ذُكرت الطائف ذُكرت الورود.
تشتهر المدينة بإنتاج أجود أنواع الورد المعروف محليًا باسم الورد الطائفي ذو الرائحة الفواحة. ويبلغ موسم حصاد الورد ذروته في فصل الربيع من كل عام (مارس – أبريل)، حيث تتفتح أكثر من 300 مليون وردة في مزارع الطائف المنتشرة في الهدا والشفا ووادي محرم وغيرها. احتفاءً بهذه الثروة العطرية الثمينة، يُقام كل ربيع مهرجان الورد الطائفي الذي بات من أشهر مهرجانات المملكة. يبدأ المهرجان عادة في أواخر مارس أو أبريل لمدة أسبوعين تقريبًا، وتتركز فعالياته في منتزه الردف وبعض المواقع التاريخية بالمدينة. عند حضورك المهرجان ستدهشك الأجواء الوردية حرفيًا؛ فالطرقات والساحات تتزين بملايين الورود الطبيعية في تنسيقات بديعة. هناك مسيرة استعراضية للورود حيث تطوف عربات مزينة بالورود تجوب شوارع الطائف احتفالًا بالموسم. ستجد أيضًا سوق الورد الذي يُعرَض فيه كل ما يخطر ببالك من منتجات الورد: باقات زهور متفتحة، وقوارير ماء الورد الطائفي النقي، ودهن الورد -الزيت العطري المُركز- الأغلى ثمنًا، وصابون ومستحضرات تجميل معطّرة بالورد، وحتى أطعمة وحلويات مُنكّهة بطعم الورد. يُتاح للزوار التعرف على صناعة تقطير الورد عن قرب من خلال ورش عمل وعروض حية توضح مراحل قطف الورد ثم استخراج زيته وعطره.
وأخيرًا، لا يمكن أن تغادر الطائف دون أن تحمل معك شيئًا من عبقها وطعمها المميز. اقتنِ زجاجة من ماء الورد الطائفي النقي – يستخرج بتقطير آلاف الوردات في معاصر تقليدية – واستخدمها كرذاذ منعش للوجه في حر الصيف أو أضف بضع قطرات منها للشاي والقهوة لتعطير مذاقها. يمكنك أيضًا شراء دهن الورد الفاخر، وهو زيت عطري مركز يستخلص من الورد الطائفي ويعد من أثمن الهدايا التذكارية (بضع مليلترات منه يعادل ثمنها الذهب!). ولا تنس تذوق مربى الورد الطائفي اللذيذ باللون الوردي الجذاب – وهو منتج محلي يصنعونه من بتلات الورد والسكر وعصير الليمون – مثالي لتغميس الخبز في وجبة الإفطار. ستجد أيضًا في الأسواق الورد المجفف الذي يحتفظ برائحته، يمكن استعماله في تزيين الأطباق أو في عمل شاي الأعشاب المنعش.
